للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشهورة: (أول التجديد قتل الماضي بحثًا)، فالفقه له أصوله ومنهجيته التي تتطلب أن يكون من يمارس التجديد عارفًا بها؛ لئلا يستدرك عليها ما هو من صميمها أو ينتقد فيها ما ليس منها أو ينسب إلى متنها ما هو من هوامشها، والتجديد ما لم يكن متلزمًا بالتماسك الداخلي للعلم الذي كان به قيامه فهو تغيير وتبديل وليس تجديدًا، وبقاء الاسم وحده لا يغني شيئًا ما لم تكن أصوله وفلسفته باقية. وبعض من يستعملون اسم التجديد والإصلاح يفترضون أن الفقه بلغ حدًا معينًا من النمو عند زمن معين ثم وقع في مأزق يقتضي تغييرًا في أصوله وآلياته ومناهجه الكبرى، والكثير من هؤلاء تتشكل في أذهانهم رؤية وتصور معين للنهضة والحضارة والتقدم يحاكمون المناهج الفقهية إليها فيما يصح منها وما لا يصح وما ينبغي أن يستمر منها وما يجب أن يتوقف، ويجعلون من واقع الحياة قبلة يجب أن يخضع الفقه لشروطها (١).

لقد أنزل الله جل جلاله علينا الدين ليكون نجاة لنا في الدنيا والآخرة، وشرع لنا فيه من الأحكام ما يعود علينا بالصلاح التام في شأننا كله، وجعل الأمن والسلام في اتباع دينه وشرعه، فقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: ٨٢]، وقال جل ثناؤه: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: ١٥]، وما من


(١) انظر على سبيل المثال: سياسيات الإسلام المعاصر، د. رضوان السيد (١٦٠)، القطيعة بين المثقف والفقيه، يحيى محمد (١٠٣).

<<  <   >  >>