للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مختصة بنوع أو مجال محدد كالمجال الديني على سبيل المثال، بل كانت مساعي متنوعة في السياسة والاجتماع والاقتصاد والثقافة والأخلاق. فجهودهم في إصلاح اعتقادات الناس وتصوراتهم مشهورة ومستفيضة، ومن أمثلتها المشتهرة موقف الإمام أحمد (ت ٢٤١ هـ) في فتنة القول بخلق القرآن ومقامه الكبير فيها، وهذا الموقف وغيره يدل على حرص الفقهاء الشديد على الحفاظ على صلاح التصورات العامة لما يتبني عليها من آثار عميقة في الواقع، فأعمال العاملين تجري على حسب معتقداتهم وأفكارهم، ولذلك كان من أسلوب الإسلام في الأمر بالأعمال الصالحة والنهي عن أضدادها أن يبتدئ بإصلاح العقائد والتصورات (١).

ومن أمثلة ذلك أن الفقيه المالكي أبا عبد الله الحفار (ت ٨١١ هـ) سئل عن قراءة كتب الوعظ في المساجد فقال: (يشترط في ذلك أن يكون الواعظ من الكتاب أو مما يلقيه الواعظ من حفظه أن يكون صحيحًا لا ترده القواعد العلمية؛ لأن الكتب الموضوعة في الوعظ قد اشتملت على باطل كثير وعلى أمور شنيعة ومناكر فاحشة تضاف إلى الرسل والأنبياء، وعلى قصص باطل ترده القواعد العلمية، فمن أخذ في هذه الطريقة فليتخير ما يحفظ إن كان يعظ من كتاب، وهذا يحتاج إلى حظ وافر من الطلب) (٢)، واهتمام الفقهاء بهذا تغني شهرته عن الإفاضة فيه،


(١) انظر: أصول النظام الاجتماعي في الإسلام، ابن عاشور (١٠٨).
(٢) المعيار المعرب، الونشريسي (٧/ ١١١)، وانظر: المعيار المعرب (٦/ ٧٠).

<<  <   >  >>