للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقد كانوا موجهين للجماهير بمختلف شرائحهم الاجتماعية؛ لأن الفقه هو مادة التدين وهو شديد الحضور في المجال التربوي للأمة المؤمنة، وهذا ما يجعل من مركزهم شديد الخطر في الموقف الإصلاحي (١).

وكان للفقهاء كذلك الدور الأكبر في الإصلاح الاجتماعي على مستوى الأسرة أو ما هو فوقها من الروابط الاجتماعية المختلفة، وفي إصلاح العادات والأخلاق الاجتماعية وتهذيبها، وكان هذا الإصلاح بالمخالطة والوعظ والتأديب والتربية والنصيحة المباشرة لا بمجرد التصنيف في الآداب والأخلاق


(١) انظر: التوحيد والوساطة في التربية الدعوية، د. فريد الأنصاري (١٢٩). وربما يُورد هنا أن إصلاح العقائد ليس من وظائف الفقيه بالاصطلاح المتأخر للفقه فما وجه إدخال إصلاحها فيما يهتم به الفقيه، فيقال هنا إن ثمت جوابين:
فأما الجواب الأول: فأنه قد مر بنا أن اسم الفقيه لا يمكن أن يتحقق معناه كمال التحقق إلا في فهم الدين بوجه عام ومن ذلك علم الحلال والحرام وأصول الدين وغيرهما، والفقيه الذي هو المجتهد لا يتوصل إلى منهجية اجتهادية عامة ما لم يكن له تضلع في ذلك كله، وهذا أمر قد سبق بيانه.
وأما الجواب الثاني: فهو أن مسائل الاعتقاد مفتقرة بدورها إلى فقه في تحقيقها على الوقائع فيما يتعلق بأفعال المكلفين والحكم عليها، فإن قواعد العقائد وإن علمت بالاستدلال لها واستقراء كلام السلف فيها إلا أن تحقيق هذه القواعد وتنزيلها من قبيل مسائل الفقه التي تحتاج إلى فهم عميق للقاعدة وفهم للواقعة ومعرفة بسبيل التنزيل، وليست كالمعادلات الحسابية التي تؤدي إلى نتائجها بالضرورة، بل هي قضايا فقهية تحتاج إلى فقه في تنزيلها ولا يكون ذلك متاحًا لكل أحد، والغفلة عن هذا المعنى من أسباب الفوضى التي تحصل في أمثال هذه المسائل لا سيما مسائل الإيمان والكفر والأسماء والبدعة والتعامل مع المخالف وما يترتب عليها من الأحكام.

<<  <   >  >>