عليه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته)) قال: وحسبت أن قد قال: ((والرجل راعٍ في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته)) (١).
فالعبء الإصلاحي واقع على الأمة بمجموعها ولكلِّ دوره فيه، فأما التصدي لما هو من قبيل الشأن العام الذي لا يختص بأحد دون أحد فهو من الكفايات التي إذا قام بها البعض ارتفع الإثم عن البقية، وإذا قصر الجميع نزل الإثم بهم، ولا تختص هذه الكفايات بالفقهاء بل الفقهاء لهم دورهم المحدد الذي هو من وظيفة الفقيه كالاجتهاد والبيان والنصيحة والتعليم والإرشاد، فأما ضروب الكفايات المختلفة فهي واجبة على من هو قادر عليها ومتخصص فيها في أي مجال كان، ومما تمتاز به حضارة المسلمين أنها قد تلاقت فيها جميع التخصصات، واستغرق العمل الفقهي خلال القرون الأولى طاقات الأمة الفكرية إلى حد لا نظير له، وأسهم في مناقشة القضايا التشريعية الفقهاء والمحدثون واللغويون والمؤرخون والأدباء وعلماء الأصول وأهل الحساب
(١) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن (٨٩٣)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم (١٨٢٩).