للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وجوب جريان الأحكام على وفقه، وأن يكون عالمًا بأحوال زمانه وأحوال أهله، وجوالب المضار والمنافع، وأن يعلم درجات المضار والمنافع الموجودة في مواطن فتواه (١)، لا سيما في فتاوى النوازل العامة وقضايا الأمة الكبرى التي يتوخى فيها أن تكون رافعة حضارية وعملية بحثية تقود الرأي وتستبصر مآلات الأمة والمخاطر المحدقة بها (٢).

لقد كان من أبرز سمات حضارتنا التي علتها تذوق طعم الانسجام الداخلي وتآلف المكونات ما جرى من التكامل بين فرقاء المعرفة، بحيث كان العلماء بكافة تخصصاتهم يهتدون ببصائر الوحي ويسعون لغاية واحدة، وكان الناس جميعًا- بما فيهم العلماء المتخصصون في المعارف الطبيعية والطبية والفلكية وغيرها-يفزعون إلى أهل الذكر لسؤالهم فيما يشكل عليهم، ومن طالع كتب العلماء المسلمين بشتى تخصصاتهم لم تغب عنه فيها النبرة الإيمانية المستهدية بهدايات الشريعة (٣).

كما أن كتب الفقهاء ومدوناتهم حافلة بهذا التكامل في تحقيق المصالح والذرائع والمناطات وغير ذلك، وكثيرًا ما يحيل


(١) انظر: استثمار النص الشرعي على مدى التاريخ الإسلامي، أبو الطيب مولود السريري (٢٤٠).
(٢) انظر: فتاوى الأمة وأصول الفقه الحضاري الأزمة ومقدمات الحل، د. سيف الدين عبد الفتاح إسماعيل، ضمن أعمال ندوة (العلوم الإسلامية أزمة منهج أم أزمة تنزيل) التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء (٥٤٤).
(٣) انظر: فلسفة التربية الإسلامية، د. ماجد الكيلاني (٣٨٦).

<<  <   >  >>