للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الذين حصروا حضارتهم بحدود المادة فمع ما قدموه من نافع الأعمال إلا أنهم لم يتهيأ لهم ذلك الانسجام، بل فشت فيهم روح التنافر والخصام والصدام، صراع بين الإنسان والطبيعة، وبين الدين والعلم، وبين الذكر والأنثى، وبين الأحياء والأموات، هذا الصراع الذي أدى إلى حالة الضياع والشعور بالعدمية والعبث الذي يغرق فيه إنسان المادة المعاصر (١).

لقد كان قوم شعيب عليه السلام يقولون له: {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} [هود: ٩١]، ولا يزال ذلك موقف المتنكبين عن هدى الأنبياء، لا يفقهون حقائق الدين ولا يقبلونها ويستكبرون عنها، والإصرار على مثل هذا الموقف لا يؤدي إلا إلى المعيشة الضنك التي لا يعصم منها إلا الإيمان بالله جل جلاله. وهذا ما يحتم على الفقيه المسلم أن ينظر إلى المعرفة الفقهية الممتزجة بمعالم الإيمان والتقوى والخلق الكامل على أنها قيمة علمية عامة؛ لأنها مؤيدة بالوحي المطلق ومسندة بالبراهين والحجج والمنهج السليم، وعليه فأحكام الفقه ذات طبيعة عالمية وهي خلاص للعالم بأسره من مشاكله وشفاء له من آلامه، وعلى الفقيه والمتفقه الالتفات إلى هذه الحقيقة وعدم الذهول عنها (٢).


(١) انظر: الإيمان بالله وأثره في الحياة، د. عبد المجيد النجار (١٩٥).
(٢) انظر: منهاج تدريس الفقه، د. مصطفى صادقي (٢٨٣).

<<  <   >  >>