للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

غلط كبير في فهم حقائق الشريعة أو في تنزيلها على وقائع الحياة (١).

وبهذا التلاحم والانسجام بين الفقه والحياة تتجلى جماليات الشريعة والطبيعة على حدِّ سواء، فالشريعة باتساقها وانتظامها، والطبيعة بإحكامها وخلقها البديع، كلتاهما من أكبر دلائل توحيد الله جل جلاله، والله سبحانه جميل يحب الجمال، فأنزل شريعة الجمال والكمال بما فيها من إتقان وصلاح تام للحياة وما حوته من آداب ومكارم ومندوبات وارتفاقات لا يوجد لها مثال في القوانين البشرية، كما خلق الخلق على مقتضى النظام والإحكام وأودع فيه من أسرار الجمال ما هو زائد عن مجرد حد الضرورة الذي تحصل به الحياة، وهذا ما لا تفسره النظريات المادية الملحدة (٢).

وهذه الأمة أمة التوحيد، وحدت الله تعالى في خلقه وأمره: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٥٤ - ٥٦] وبهذا التوحيد تهيأ لها الانسجام الذي مكنها من أن تبلغ أعمالها من الرشد والفعالية ما تجاوز نفعه خاصة دائرتها إلى محيط البشرية كلها، وشارة التوحيد ماثلة في كل عمل منها، سواء كان علمًا نظريًا أو أدبًا وفنًا، أو إنجازًا صناعيًا أو فنًا معماريًا. أما


(١) انظر: الخطاب الديني بين تحديث الدخلاء وتجديد العلماء، د. محمد نعيم ساعي (١٦٥).
(٢) انظر: جمالية الدين، د. فريد الأنصاري (١٠)، العلم في منظوره الجديد، روبرت م. أغروس وزميله (٦٦).

<<  <   >  >>