للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحرام أقامه من السوق وقال له: تعلم أحكام البيع والشراء ثم اجلس في السوق فإن من لم يكن فقيهًا أكل الربا شاء أم أبى (١).

إن من الواجب على المسلم أن يخدم دينه في المجال الذي يعمل فيه أو حيثما أفضت به أسباب الحياة؛ لأن في هذه الخدمة إكمالًا لتعيده وإتمامًا لتقربه، وقد تؤهله درايته الواسعة بمجال عمله أن يكون أقدر على توسيع آفاق دينه، وهو في ذلك ردء للفقيه الذي يتعذر عليه الإحاطة بأحكام أكثر المجالات (٢).

ويبقى الفقه بالاصطلاح الخاص بناءً محكمًا مشيدًا رفع الفقهاء مناراته باختلاف مذاهبهم وتعاقب أزمنتهم، وهو ليس مجرد فروع منثورة يحفظها الفقهاء أو يتدربون على التخريج عليها، بل هو ملكة ترسخ في فؤاد المتفقه مع طول ممارسته للنصوص والأحكام الشرعية وفتاوى الأئمة واستنباطاتهم، ليتوصل من خلالها إلى فهم الشريعة بأصولها ومقاصدها وقواعدها ونظرياتها وبنيتها التشريعية، وهذه درجة عالية لا تتأتى للمتخصصين في أي علم آخر. وأهل الخبرة وإن كان لهم دورهم الكبير في الوصول إلى النتائج النهائية للعملية الفقهية إلا أن الفقيه يبقى بمثابة البوصلة التي ترشد إلى درب السداد. ومتى وقع الخلط بين وظائف الفقيه ووظائف أهل الخبرة أفضى ذلك إلى


(١) انظر: حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل (٥/ ٣)، المدخل، ابن الحاج (١/ ١٥٧).
(٢) انظر: روح الدين، طه عبد الرحمن (٤١٧ - ٤١٩).

<<  <   >  >>