للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العلوم والمعارف المؤثرة في طبيعة حياة أمة تسعى أن تكون صلاتها ونسكها ومحياها ومماتها لله رب العالمين؟

إن ما عرف بـ (المصارف الإسلامية) في واقعنا الراهن على سبيل المثال ليس منتجًا تفرد به الفقهاء وحدهم، بل لقد شاركهم القانونيون والخبراء الماليون الذين درسوا مسائل المعاملات والشركات والموجبات والعقود في الفقه وبنوا عليها (١).

وكان الفقهاء في الماضي يلزمون التجار وأهل السوق أن يتعلموا من الفقه ما يحترزون به من مقارفة المال الحرام، وربما أقاموا من السوق من لا يفقه أحكام المعاملات. وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يطوف في الأسواق يضرب بعض التجار بالدرة ويقول: ((لا يبيع في سوقنا إلا من تفقه، وإلا أكل الربا شاء او أبى))، قال قوام السُّنِّة الأصبهاني (ت ٥٣٥ هـ) معقبًا: (قالوا: وليجعل بكوره إلى العالم قبل غدوه إلى السوق فيسأله عن وجوه المعاملة، ثم ينصرف فيدخل فيما هو فيه من تجارة أو صناعة) (٢)، وذكر عن الإمام مالك (ت ١٧٩ هـ): أنه كان يأمر الأمراء فيجمعون التجار والسوقة ويعرضونهم عليه، فإذا وجد أحدًا منهم لا يفقه أحكام المعاملات ولا يعرف الحلال من


(١) انظر: مصائر المذاهب الفقهية، د. رضوان السيد، ضمن بحوث ندوة التقنين والتجديد في الفقه الإسلامي المعاصر (٨٧٣).
(٢) الترغيب والترهيب، قوام السُّنِّة الأصبهاني (١/ ٤٥٣/٨١٠)، وانظر: الفقيه والمتفقه، الخطيب البغدادي، باب وجوب التفقه في الدين على كافة المسلمين (١٦٤)، نهاية الرتبة في طلب الحسبة، الشيزري (٦١).

<<  <   >  >>