للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال المزني (٢٦٤ هـ): (واطلبوا العلم عند أهل الفقه تكونوا فقهاء إن شاء الله) (١).

وقال الإمام الترمذي (ت ٢٩٧ هـ) في باب ما جاء في غسل الميت من كتاب الجنائز بعد أن ذكر كلام مالك والشافعي: (وكذلك قال الفقهاء وهم أعلم بمعاني الحديث) (٢).

فمما تقدم يستبين لنا أن الفقه لا يتأتى بالمعرفة المجردة مهما بلغ حِمل المرء منها، بل لا بد أن ينضم إلى ذلك الملكة العقلية التي تمكنه من الاستنباط والتنزيل ونحوها من الملكات التي كان يجمعها في إطلاقات المتقدمين اسم الرأي، والأئمة الفقهاء المتبوعون ما منهم من أحد إلا وقد استعمل الرأي، فإنا متى علمنا ختم النبوة وانقطاع الوحي، مع بقاء التكليف بالشريعة وتجدد الحوادث، فإن من لازم ذلك استعمال الرأي في فهم النصوص وفي معرفة حكم ما يستجد من النوازل، فأما ما روي من ذم الرأي فإنما قصد به نوع ذميم من الرأي.

قال أبو الحسين البصري (ت ٤٣٦ هـ): (إذا كان الذين ذموا الرأي هم الذين قالوا به وجب صرف ذمهم إلى الرأي مع وجود النص أو من ترك الطلب للنص، كما يجب مثله لو حُكي الرأي وذمه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) (٣).


(١) الفقيه والمتفقه، الخطيب البغدادي، باب القول في السؤال عن الحادثة والكلام فيها قبل وقوعها (٦٥٢).
(٢) جامع الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في غسل الميت (٩٩٠).
(٣) المعتمد (٢/ ٧٣٤)، وانظر: الإحكام، الآمدي (٤/ ٥٥).

<<  <   >  >>