للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقامت به حياتها، ورسخ بتعاقب القرون في وجدانها ومزاجها، وأصبح من أكبر مكوناتها واتصل بوجودها وجرى به سداد أمورها وصلاح شؤونها. حتى غدت أي محاولة للإصلاح غير مجدية ما لم تكن صادرة عن أصوله ومقاصده وأحكامه وغاياته. وهذه العصور الحديثة حافلة باتجاهات وتيارات تنسب نفسها إلى الإصلاح ولكنها تخاصم هوية الأمة وشريعتها فيؤول أمرها إلى فساد وإفساد، وما يجري على يديها من صلاح فهو صلاح جزئي من وجه دون وجه.

إن صلاح أحوال الأمة له ارتباط وثيق بتجديد فقهها الذي هو منهاج حياتها، ومن هنا كانت الحاجة إلى الحديث عن ((إصلاح الفقيه)) الذي يمارس هذا التجديد بوعي وبصيرة، وقد اخترت لفظة الإصلاح لمناسبة المقابلة بين إصلاح الفقه وإصلاح الحياة مما يتطرق هذا البحث إليه، ولأجل بيان حقيقة الإصلاح الذي به نهضة الأمة وتقدمها دون دعاوى الإصلاح التي تعرض عن الشريعة ولا تكترث بها، أو التي تسلك بها مسالك الغلو أو الجفاء.

ومهدت بين يدي هذه الدراسة بتمهيد يبين أهمية إصلاح الفقيه وأولويته، ثم عقدت سائرها في فصول أربعة: فأما الفصل الأول ففيه بيان معنى الفقه وحقيقة الصناعة الفقهية وفيه أيضًا بيان دور الفقيه ووظائفه في الحياة، فإنه لا يستقيم الحديث عن إصلاح الفقيه ما لم تكن تلك المعاني متقررة ابتداءً.

<<  <   >  >>