للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى تقصيرهم في العلم أو في العمل، فإن الشريعة من الأمر الذي يكلف به العباد ويحاسبون عليه، وليست من الخلق المقدر الذي هو مقضي لا محالة، والكثير من الناس يرون ما يتطرق إلى حياة المسلمين من الفساد فينسبونه إلى الشريعة وتقصر فهومهم عن نسبته إلى تقصيرهم في فهمها والعمل بها وإخلالهم بشروطها، وربما أدى بهم ذلك إلى الدعوة إلى تبديل بعض حقائق الشريعة باسم التجديد والإصلاح، حتى إذا سلكوا تلك السبيل باتوا كصخرة زل متنها عن رأس جبل فهي تتحدر منه إلى مكان سحيق.

إن تجديد الفقه وإصلاحه إنما يكون بالعودة إلى أصوله والتمسك بها، وتصحيح ما لحقها من سوء التصورات والآراء وفساد الظنون والأوهام، فإن حياة المتقدمين من أهل القرون الأولى كانت صالحة مستقيمة، مما يدل على أن علومهم كانت صالحة مستقيمة.

يقول ابن أبي جمرة (ت ٦٩٩ هـ): (عمل المتقدمين أقوى من عمل أهل وقتنا، والعمل هو ثمرة العلم، فإذا كانت ثمرتان ثمر الواحدة خير وأكثر من الأخرى قطع بالجزم أن الذي ثمرها أكثر وأحسن خير من الأخرى بلا خلاف في ذلك عند من له بصيرة وعقل) (١).

وهذا الفقه الصالح عند المتقدمين تشكلت به هوية الأمة


(١) بهجة النفوس (٢/ ٥٩).

<<  <   >  >>