للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

متى علم ما تقدم بيانه من معنى الفقه، فإن هذا الفقه الذي هو ملكة راسخة في نفس صاحبها متى تهيأت له فإن من شأنها ألا تقف به عند علم الحلال والحرام فحسب، فإن الشريعة كل لا يتجزأ، ومهما اضطرت العلماءَ ظروفُ التعليم والاصطلاح المتأخر إلى قسمة العلوم الشرعية وممايزتها، فإنها تبقى في حقيقتها كالشيء الواحد الذي لا يمكن فهم بعضه على وجه التمام إلا بفهم جميعه، ومهما كان الترجيح في مسألة تجزؤ الاجتهاد فإن من المتحقق أن أئمة الدين الذين هم محل القدوة والأسوة لم يكونوا من أهل التخصص المحض بلسان المتأخرين، ولم يكونوا أهل معرفة مجردة، بل كانوا أهل علم وعمل وعبادة وتأله وصبر وجهاد، وبمثل ذلك بورك في علمهم وتبوؤوا في الأمة مبوأ صدق وقبول.

وقد عقد الحافظ ابن عبد البر (ت ٤٦٣ هـ) في كتابه ((جامع بيان العلم وفضله)) بابًا سماه: (باب من يستحق أن يسمى فقيهًا أو

<<  <   >  >>