للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وبالإضافة إلى هذه الشرائط التي لا بد من توفرها ليكون الفقيه فقيهًا على الحقيقة، فإن هناك صفاتٍ وشروطًا لا يُحكم الفقهاء القيام بوظائفهم إلا بها. وقد ذكر الشيخ محمد الخضر حسين (ت ١٣٧٧ هـ) من ذلك أربع صفات (١):

الصفة الأولى: استقلال الفكر، فإن من يغوص في فهم حقائق الشريعة ببصيرة نقية ونظر قائمة بنفسه، لا يعجزه أن يبينها للناس في أسلوب ينهض بحجتها ويكشف عن وجه حكمتها.

الصفة الثانية: الاستقامة، فالعالم محل القدوة، والعلم لا يدخل في قبيل الفضيلة إلا لأنه أساس العمل.

الصفة الثالثة: النظر في شؤون الاجتماع ومجاري السياسة، وقد سبقت إشارة لهذا.

الصفة الرابعة: قوة الإرادة؛ لأن من وظيفته مراقبة سير الأمة، فإذا اعترضها خلل أرشد إلى إصلاحه، ومن تصدى لذلك لاقى أذى وعنتًا لا يطيقه إلا ذو عزيمة وإرادة.

فهؤلاء المشتملون على هذه الصفات هم الفقهاء الذين بأمثالهم تصلح أحوال الناس، وتستقيم للأمة شؤونها، وتكف عادية السفهاء عن أهل الفضل فيها. أما إذا انزوى هؤلاء وتصدى لوظائفهم من هو ضعيف في علمه أو من هو ضعيف في إرادته وصدقه، فبذلك يَخُبُّ الفساد إلى العالَم. وقد قال ابن المبارك (ت ١٨١): (تعوذوا بالله من فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل،


(١) انظر: الدعوة إلى الإصلاح (١٤٤).

<<  <   >  >>