والأدلة التي يستدل بها، ومن القياس إذ كان يراه حجة، ثم يذكر الأحاديث قوية كانت أو غير قوية، فما كان منها قويًا اعتمد عليه في الاحتجاج به، وما لم يبلغ منها أن يكون قويًا ذكره عند الاحتجاج بذكر خامل فاتر، وكان اعتماده حينئذٍ على ما استدل به من القرآن والسُّنِّة والقياس. والدليل على أن ما قلنا من مذهب الشافعي لذكر الأحاديث الضعاف، أنه كما قلنا: إن مذهبه ترك الاحتجاج بالتابعين تقليدًا، وأنه يعتمد في كتبه لمسائل من الفروع ويتكلم فيها بما يصح من الجواب عنها من دلائل القرآن والسُّنِّة والقياس، ثم يأتي على أثرها بقول ابن جريج عن عطاء، وعمرو بن دينار وغيرهما من آراء التابعين بما يوافق قوله، لئلا يرى من ليس بالمتبحر في العلم ممن ينكر بعض فتواه في تلك الفروع أن ما يقول في العلم لا يقوله غيره فيذكر تلك الآراء عن التابعين لهذا، إلا أنه لا يعتد بشيء من أقوالهم حجة يلزم القول به عنه تقليدًا. قال الشيخ رحمه الله: وتصدير بعض أبواب المختصر بأحاديث لا يحتج بها واقع من جهة المزني رحمه الله، فأما الشافعي رحمه الله فإنه إنما أوردها على الجملة التي ذكرها إمام أهل النقل مسلم بن الحجاج رحمه الله) (١). فإذا كان هذا الأمر بما وقع من الإمام المزني (ت ٢٦٤ هـ) وهو إمام فقيه كبير، فالتوقي من حصول مثله ممن هو دونه أولى وألزم.
(١) بيان خطأ من أخطأ على الشافعي (٣٣٢). وانظر: أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء، محمد عوامة (١٤٩).