للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما بين الفرق أيضاً أنه سبحانه وتعالى قال هنا: (وأعد لهم عذاباً مهيناً) ، والعذاب إنما أعد للكافرين، فإن جهنم لهم خلقت، لأنهم لابد أن يدخلوها، وماهم منها بمخرجين، وأهل الكبائر من المؤمنين تجوز ألا يدخلوها إذا غفر الله لهم، وإذا دخلوها فإنهم يخرجون منها ولو بعد حين، قال سبحانه: (واتقوا النار التي أعدت للكافرين) ، فأمر سبحانه المؤمنين ألا يأكلوا الربا، وأن يتقوا الله، وأن يتقوا النار التي أعدت للكافرين، فعلم أنهم يخاف عليهم من دخول النار إذا أكلوا الربا وفعلوا المعاصي مع أنها معدة للكفار، لا لهم، وكذلك جاء في الحديث: "أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأما أقوام لهم ذنوب يصيبهم سفع من نار ثم يخرجهم الله منها" (١) . ولما توعد الله سبحانه قاتل النفس المتعمد بالعذاب العظيم دون المهين علم أنه داخل في عداد المؤمنين حتى بعد ارتكابه لهذه الكبيرة.

(ج) الشبهة الثالثة:

وهي الأحاديث التي ورد فيها اللعن على عمل من الأعمال، أو وصف فعل من الأفعال أنه كفر، أو وصف من يعمل عملاً معيناً أنه "ليس منا، وما شابه ذلك.

فنقول وبالله التوفيق:

- أما عن أحاديث اللعن:

فإن اللعن في اللغة هو الإبعاد من الرحمة.

وهو يرد بأحد معنيين:

١- الدعاء: كما في الأحاديث الشريفة:

كقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من غير منار الأرض" (٢) .

وقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله آكل الربا وموكله" (٣) .

وقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الواشمة والمستوشمة" (٤) .. الحديث.

وغير ذلك من الأحاديث التي يرد فيها اللعن بصيغة الدعاء على مرتكب الفعل بالإبعاد من رحمة الله، وهذا الدعاء لا يستلزم مطلق الإبعاد من الرحمة، وإنما يحصل بإبعاده من الرحمة وقتاً من الأوقات.


(١) "الصارم المسلول" ص ٥٣-٥٤.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه مسلم.
(٤) متفق عليه.

<<  <   >  >>