للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن اللعن من الله تعالى في القرآن يستحقه الكافر، ولكن ليس بإطلاق، فيصح أن يكون الملعون من الله كافراً إن لعنه الله في الدنيا والآخرة، أو يصح أن يكون عاصياً إن لعنه في الدنيا فقط، وقد يكون كافراً حسب فعلته. وهذا كله يأتي في صيغة الخبر.

بينما اللعن في السُّنَّة فيكون بصيغة الدعاء، وعامة الملعونين في الأحاديث غير مباحي الذم، ولا كافرين وإنما هم مبعدين من رحمة الله تعالى لوقت من الأوقات (١) .

- وأما عن الأحاديث التي ورد فيها إطلاق اسم الكفر على عمل من الأعمال، فإن النظر فيها من وجهين.

أولهما: أنه لما قررنا من قبل أركان التوحيد - من ربوبية وألوهية لله تعالى - وحددنا بذلك الأعمال التي تنقض التوحيد كلية لتعلقها بأصله، وكذلك من تقريرنا لقاعدة أن المعاصي منها الشرك ومنها ماهو دون ذلك من كبائر وصغائر.

فإنه تبعاً لهذا النظر، فإن أي عمل ليس من هذه الأعمال الناقضة للتوحيد، أو الذي هو دون الشرك فيجب أن يكون من أعمال المعاصي، ويكون فاعله عاصياً ما لم يستحل، (بمعنى أن يرد بعد ثبوته لديه كما قررنا من قبل في مبحث الرد) ، فإن استحل كان كافراً كفراً أكبر ناقلاً عن الملة، وإن لم يستحل كان الكفر بمعنى المعصية المغلظة.

وعلى هذا جمهور أهل السُّنَّة في نظرهم لهذه الأحاديث.


(١) يراجع في المعنى السابق كله "الصارم المسلول" لابن تيمية ص ٤٢ وبعدها.

<<  <   >  >>