للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أولاً: أن لفظ "الإيمان" فيما رويناه عن السلف الصالح - والذي قالوا عنه أنه يزيد وينقص - إنما عنى به كمال الإيمان أو استكمال درجاته، فالإيمان بمعناه الشامل يتحقق بكماله لمن حقق التوحيد - أي أتى بالقدر اللازم للنجاة من الخلود في النار - ثم قام بالأعمال التي بلغته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمر قلبه بالتصديق والإقرار بالرسالة وانقاد لشرائعها ظاهراً وباطناً، وقام بما طلبه منه الشارع من أوامر ونواهي، فهذا يكتمل إيمانه ويزداد حسب قيامه بهذه الأوامر وتركه لتلك النواهي، وينقص في درجات الكمال حسبما يترك من أوامر أو يفعل من محظورات، فتعبير السلف عن الإيمان - الذي يزيد وينقص - في هذه الدرجة هو ماقصدوه بالنقص بالمعصية والزيادة بالطاعة (١) .

ولهذا الأمر تفصيل ذكره الإمام "ابن تيمية" في كتاب "الإيمان"، فقد أوضح أن الإيمان لا يستوي في حق كل مكلف أو في كل وقت، وإنما له درجات ثلاث - حسب تعبيره - وهي:

(أ) الإيمان المجمل:

وهو القدر من الإيمان الذي لا يقبل نقصاً، فأي نقص فيه يعني انخرام أصل الدين، ومحصلته الإيمان بربوبية الله تعالى وألوهيته على عباده، معرفة وتصديقاً وإقراراً وانقياداً والتزاماً بطاعته مع ترك أعمال الشرك الأكبر كلية، وتصديق خبر الرسول صلى الله عليه وسلم جملة وعلى الغيب.


(١) وقد نقلنا من قبل أثراً عن أبي القاسم الأنصاري قال فيه عن الإيمان المقصود أنه "جميع الطاعات فرضها ونقلها" وهو يوضح ما قصدناه من أن تعبير السلف إنما هو في مرتبة الإيمان الواجب فينقص بالمعصية ويزيد بالطاعة.

<<  <   >  >>