للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"إن لفظ الإيمان في اللغة لم يقابل بالتكذيب، كلفظ التصديق، فإنه من المعلوم في اللغة أن كل مخبر يقال له: صدقت أو كذبت. ويقال صدقناه أو كذبناه، ولا يقال لكل مخبر: آمنا له أو كذبناه ولا يقال: أنت مؤمن له أو مكذب، له بل المعروف في مقابلة الإيمان لفظ الكفر يقال هو مؤمن أو كافر. والكفر لا يختص بالتكذيب، بل لو قال: أنا أعلم أنك صادق ولكن لا أتبعك بل أعاديك وأخالفك ولا أوافقك لكان كفره أعظم، فلو كان الكفر المقابل للإيمان ليس هو التكذيب فقط، علم أن الإيمان ليس هو التصديق فقط، بل إذا كان الكفر يكون تكذيباً ويكون مخالفة ومعاداة وامتناعاً بلا تكذيب، فلابد أن يكون الإيمان تصديقاً مع موافقة وموالاة وانقياد، ولا يكفي مجرد التصديق فيكون الإسلام جزء مسمى الإيمان، كما كان الامتناع عن الانقياد مع التصديق جزء مسمى الكفر، فيجب أن يكون كل مؤمن مسلماً منقاداً للأمر، وهذا هو العمل" (١) .

وقد سبق أن بينا من قبل مركبات الإيمان كما هي عند أهل السُّنَّة وأدلتهم عليها، وشرحنا مقام الجحود في إثبات الكفر، ومقام التصديق في إثبات الإيمان فلا معنى للإعادة.

النقطة الثانية:

أن من قال لا إله إلا الله بلسانه كان مؤمناً مسلماً يدخل الجنة، اعتماداً على فهم قاصر لأحاديث وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة" (٢) وغيرها اعتقاداً منهم أن مجرد النطق بالشهادتين كاف لإثبات حقيقة الإسلام الذي ينجو به صاحبه من الخلود في النار!.

النقطة الثالثة:

أن الإيمان لا تضر معه معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، والاعتماد على غفران الله سبحانه الذي وردت به الآيات التي تصف الله سبحانه بالرحمة والمغفرة وغفران الذنوب، كقوله تعالى: "إن الله غفور رحيم" (٣)


(١) "الإيمان" ص ٢٥٠.
(٢) رواه مسلم.
(٣) المائدة ٣٩.

<<  <   >  >>