(وأما تولية الوليد بن عقبة فإن الناس على فساد النيات – أسرعوا إلى السيئات قبل الحسنات.فذكر الإفترائيون أنه إنما ولاه للمعنى الذي تكلم به.قال عثمان: ما وليتُ الوليد لأنه أخي وإنما ولَّيته لأنه ابن أُم حكيم البيضاء عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتوأمة أبيه) وعلق الشيخ محب الدين الخطيب على كلام ابن العربي في الحاشية قائلاً: (قد يظن من لا يعرف صدر هذه الأمة إن أمير المؤمنين عثمان جاء بالوليد بن عقبة من عرض الطريق فولاه الكوفة. أما الذين أنعم الله عليهم بنعمة الأنس بأحوال ذلك العصر وأهله فيعلمون أن دولة الإسلام الأولى في الخلافة أبي بكر تلقفت هذا الشاب الماضي العزيمة الرضي الخلق الصادق الإيمان فاستعملت مواهبه في سبيل الله إلى أن توفي أبو بكر، وأول عمل له في خلافة أبي بكر أنه كان موضع سر في الرسائل الحربية التي دارت بين الخليفة وقائده خالد بن وليد في وقعة المذار مع الفرس سنة ١٢ (الطبري ٤: ٧) ، ثم وجهه مدداً إلى قائده عياض بن غنم الفهري (الطبري ٤: ٢٢) وفي سنة ١٣ كان الوليد يلي لأبي بكر صدقات قضاعة , ثم لما عزم الصديق على فتح الشام كان الوليد عنده بمنزلة عمرو بن العاص في الحرمة والثقة والكرامة , فكتب إلى عمرو بن العاص وإلى الوليد بن عقبة يدعوهما لقيادة فيالق الجهاد , فسار ابن العاص بلواء الإسلام نحو فلسطين , وسار الوليد بن عقبة قائداً إلى شرق الأردن (الطبري ٤: ٢٩-٣٠) , ثم رأينا الوليد في سنة ١٥ أميراً على بلاد بني تغلب وعرب الجزيرة (الطبري ٤: ١٥٥) يحمي ظهور المجاهدين في شمال الشام لئلا يؤتوا من خلفهم , فكانت تحت قيادته ربيعة وتنوخ مسلمهم وكافرهم. وانتهز الوليد بن عقبة فرصة ولايته وقيادته على هذه الجهة التي كانت لا تزال مليئة بنصارى القبائل العربية فكان – مع جهاده الحربي وعمله الإداري – داعياً إلى الله يستعمل جميع أساليب الحكمة والموعظة الحسنة لحمل نصارى إياد