للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعرضوا عليه فصاح بهم وطردهم وقال: لقد علم الصالحون أن جيش ذي المروة وجيش ذي خُشُب والأعوص ملعونون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - , فانصرفوا عنه. وأتى البصريون طلحة فقال لهم مثل ذلك وكان قد أرسل أبنيه إلى عثمان , وأتى الكوفيون الزبير فقال لهم مثل ذلك وكان قد أرسل ابنه عبد الله إلى عثمان فرجعوا وتفرقوا عن ذي خُشُب وذي المروة والأعوص إلى عسكرهم ليتفرق أهل المدينة ثم يرجعوا إليهم. فلما بلغوا عسكرهم تفرق أهل المدينة فرجعوا إليهم فلم يشعر أهل المدينة إلا والتكبير في نواحيها ونزلوها وأحاطوا بعثمان وقالوا: من كف يده فهو آمن وصلى عثمان بالناس أياماً ولزم الناس بيوتهم وهم يصلون خلفه وهم في عينه أدق من التراب , وكانوا يمنعون الناس من الاجتماع ولما جاءت الجمعة التي على أثر دخولهم خرج عثمان فصلى بالناس ثم قام على المنبر فقال: يا هؤلاء الله , الله فوالله إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -, فامحوا الخطأ بالصواب. فقام محمد بن مسلمة فقال: أنا أشهد بذلك فأقعده حكيم بن جبلة , وقام زيد بن ثابت فأقعده محمد بن أبي قتيرة وثار القوم بأجمعهم فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد وحصبوا عثمان حتى ُصرع عن المنبر مغشياً عليه فأُدخل داره , ثم صلى عثمان بالناس بعدما نزلوا به في المسجد , ثم منعوه الصلاة وصلى بالناس أميرهم الغافقي , وتفرّق أهل المدينة في حيطانهم , ولزموا بيوتهم لا يجلس أحد ولا يخرج إلا بسيفه ليمتنع به وكان الحصار أربعين يوماً ومن تعرض لهم وضعوا فيه السلاح) (١) وهناك بعض الروايات تفيد أن عثمان - رضي الله عنه - أرسل إلى الأمصار يطلب منهم العون بعد أن اشتد عليه التضييق والحصار وهذا خبر لا يصح منه شيء لأن منهج عثمان - رضي الله عنه -كان الصبر والكف عن القتال امتثالا لوصية الرسول - صلى الله


(١) - الكامل في التاريخ بتصرف ص (٥٢٩ - ٥٣١ / ٢)

<<  <   >  >>