للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى الطبراني عن ابن عباس أنه قال: مازلت موقناً أن معاوية يلي الملك من هذه الآية يعني " من قُتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً " [الإسراء:٣٣] فلما امتنع معاوية من البيعة لعلي حتى يسلمه قتلة عثمان حدثت تلك الأحداث العظيمة التي ذكرناها في الباب الثاني في هذا البحث، ثم استفحل أمر معاوية ولم يزل أمر علي في اختلاف مع أهل العراق حتى قتله ابن ملجم فعند ذلك بايع أهل العراق الحسن بن علي وأهل الشام لمعاوية بن سفيان , ثم خلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الملك إلى معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - وكان ذلك في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ودخل معاوية إلى الكوفة فخطب الناس بها خطبة بليغة بعدما بايعه الناس واستوثقت لهُ الممالك شرقاً وغرباً وبعداً وقرباً، وسمي هذا العام عام الجماعة لاجتماع الكلمة فيه على أمير واحد بعد الفرقة) (١) (وروى الإمام أحمد ومسلم والحاكم في مستدركهِ من طريق أبي عوانه عن أبي حمزة عمران بن أبي عطاء عن ابن عباس قال: كنت ألعب مع الغلمان فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قد جاء فقلت: ما جاء إلا إلي، فاختبأت على الباب فجاءني فخطاني خطاة أو خطاتين، ثم قال " اذهب فادعُ لي معاوية " وكان يكتب الوحي. قال: فذهبت فدعوته لهُ فقيل: إنه يأكل، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: له إنه يأكل، فقال: اذهب فادعه، فأتيته الثانية فقيل: إنهُ يأكل فأخبرتهُ، فقال في الثالثة " لا أشبع الله بطنه " قال: فما شبع بعدها (٢) . يقول ابن كثير: " وقد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأخراه، أما في دنياه فإنه لما صار إلى الشام أميراً كان يأكل في اليوم سبع مرات، يجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم، ومن الحلوى والفاكهة شيئاً كثيراً، ويقول: والله ما أشبع وإنما أعيا، وهذه نعمة


(١) - البداية والنهاية (٨-٣٨٩) بتصرف
(٢) - مسلم ٢٦٠٤

<<  <   >  >>