وأما البعض فقد ذهبوا إلى تجويز خروج الحسين - رضي الله عنه - واعتبروا عمله هذا مشروعاً، وجعلوا المستند في ذلك إلى أفضلية الحسين والى عدم التكافؤ مع يزيد. نيل الأوطار (٧/٣٦٢) ، وأما البعض فقد جعل خروج الحسين خروجاً شرعياً بسبب ظهور المنكرات من يزيد. انظر: الدرة فيما يجب اعتقاده لابن حزم (ص ٣٧٦) وابن خلدون في المقدمة (ص ٢٧١) ، ولكن إذا أتينا لتحليل مخرج الحسين - رضي الله عنه - ومقتله، نجد أن الأمر ليس كما ذهب إليه هذان الفريقان، فالحسين لم يبايع يزيد أصلاً، وظل معتزلاً في مكة حتى جاءت إليه رسل أهل الكوفة تطلب منه القدوم، فلما رأى كثرة المبايعين ظن - رضي الله عنه - أن أهل الكوفة لا يريدون يزيد فخرج إليهم، وإلى الآن فإن الحسين لم يقم بخطأ شرعي مخالف للنصوص، وخاصة إذا عرفنا أن جزءً من الأحاديث جاءت مبينة لنوع الخروج. فعن ابن عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من نزع يداً من طاعة فلا حجة له يوم القيامة، ومن مات مفارقاً للجماعة فقد مات ميتة جاهلية. مسلم بشرح النووي (١٢/٢٣٣-٢٣٤) . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - رضي الله عنه -: الصلاة المكتوبة إلى الصلاة التي بعدها كفارة لما بينهما، والجمعة إلى الجمعة والشهر إلى الشهر يعني رمضان كفارة لما بينهما، قال: ثم قال بعد ذلك: إلا من ثلاث، - قال: فعرفت إن ذلك الأمر حدث إلا من الإشراك بالله، ونكث الصفقة، وترك السنة. قال: أما نكث الصفقة: أن تبايع رجلاً ثم تخالف إليه، تقاتله بسيفك، وأما ترك السنة فالخروج من الجماعة. المسند (١٢/٩٨) بسند صحيح. وبالرغم من أن الحسين - رضي الله عنه - حذره كبار الصحابة ونصحوه إلا أنه خالفهم، وخلافه لهم إنما هو لأمر دنيوي، فقد عرفوا أنه سيقتل وسيعرض نفسه للخطر، وذلك لمعرفتهم بكذب أهل العراق، والحسين - رضي الله عنه - ما خرج يريد