للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجاهلية على عواطف أبنائها وأهوائهم، واسألوا التاريخ: هل انهارت حضارة اليونان والرومان الا بسيطرة الجاهلية عليها.

ان المقلدين جهال مهما تعلموا، أطفال مهما كبروا، وسيظلون أولاداً جهالاً حتى يتحرروا.

٥ - في هذه المعركة بعد أن انهزم المسلمون أول الأمر، وتفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظن شيبة بن عثمان أنه سيدرك ثأره من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبوه قد قتل في معركة أحد، قال شيبة: فلما اقتربت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقتله أقبل شيء تغشى فؤادي، فلم أطق ذلك، وعلمت أنه ممنوع مني.

ولقد تكررت في السيرة مثل هذه الحادثة، تكررت مع أبي جهل، ومع غيره في مكة، وفي المدينة، وكلها تتفق على أن الله قد أحاط رسوله بجو من الرهبة أفزع الذين كانوا يتآمرون على قتله، وهذا دليل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوى الرسالة، وعلى أن الله قضى بحفظ نبيه من كل كيد، وببقائه حياً، حتى يبلغ الرسالة، ويؤدي الامانة، وينقذ جزيرة العرب من جاهليتها، ويقذف بأبنائها في وجه الدنيا، يعلمون، ويهذِّبون، وينقذون، ولولا حماية الله لرسوله، لقضى المشركون على حياته منذ أوائل الدعوة، ولما كمل الدين، وتمت النعمة، ووصل إلينا نور الرسالة وهدايتها ورحمتها، ولما تحول مجرى التاريخ تحوله الذي خلص الانسانية من عمايتها وشقائها بانتشار الاسلام، وانتهاء عهود التحكم بالشعوب، والاستبداد بتصريف شؤونها، من ملوك ورؤساء أقاموا سلطانهم على البغي والظلم، ومنع

<<  <   >  >>