اتخذ صنماً، ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت، نصب حجراً أمام الحرم، وأمام غيره مما استحسن، ثم طاف به كطوافه بالبيت، وكان الرجل إذا سافر فنزل منزلاًَ، أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها فاتخذه رباً، وجعل ثلاث أثافي لقدره، وإذا ارتحل تركه، فإذا نزل منزلاً آخر فعل مثل ذلك (١).
وكانت للعرب ثلاثة أصنام كبرى تعظمها، وتحج إليها، وتنحر لها الذبائح: أقدمها مناة وكان منصوباً على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد، بين المدينة ومكة، وكانت العرب جميعاً تعظمه، وأشدهم إعظاماً له الأوس والخزرج، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، أرسل إليه عليَّاً رضي الله عنه، فهدمه، وأخذ ما كان له، وأقبل به الى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان فيما أخذ: سيفان، كان الحارث بن أبي شمر الغساني ملك غسان أهداهما له، والحارث هذا هو الذي قتل شجاع بن وهب الأسدي رضي الله عنه حين سلمه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه للاسلام، ولم يقتل للنبي صلى الله عليه وسلم رسول غيره.
وثانيهما اللات وكانت بالطائف، وهي صخرة مربعة، وكانت قريش وجميع العرب تعظمها، فلما جاء وفد ثقيف بعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم من فتح مكة إلى المدينة، طلب وفدها منه عليه الصلاة والسلام أن يدع لهم اللات ثلاث سنين لا يهدمها، فأبى ذلك عليهم،