وكثيراً ما ترجع القبائل تلقائياً إلى تطبيق الشرع الِإسلامي متى تيسرت لها الأسباب فقد نشرت مجلة (هسبريس (Hesperis ج ١٨ ص ٤٦ عام ١٩٣٤) وثيقتين ذكرت أنهما أقدم ما يوجد في الفقه الجنائي العرفي بالمغرب ويرجع تاريخهما لعام ١٥١٢ م/ ٩١٨ هـ وقد ورد في مقدمتهما أنه "بعد التعرف على الضلال الذي تنطوي عليه الأعراف العتيقة أصبح رئيس القبيلة يطبق ما ورد في القرآن الكريم وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في خصوص الجرائم تبعاً لآية القصاص وقد نشر لائحة من الديات فالذي كان ينقص النواحي البربرية أذن لتطبيق الشرع الِإسلامي هو الوسائل، وقد توفرت بحول الله بعد استقلال المغرب وإلغاء الظهير البربري حيث وجد النظام القضائي بالمملكة على أسس بدأت تعمل على الاستمداد من الشريعة الِإسلامية كما تقر كل ما يتلاءم وروح الِإسلام مما تنطوي عليه الأعراف المحكمة". (معطيات الحضارة المغربية - عبد العزيز بنعبد الله - ج ٢ ص ٤٢).
وقد قامت المدارس الفقهية في البوادي المغربية بدور فعال لنشر مذهب الِإمام مالك والتوعية الِإسلامية. وكانت هنالك مدارس خاصة منها نحو الخمسين في دكالة ومن هذا النوع مدرسة ستاوت "الملحقة بزاوية الشَّيخ محمد بن مبارك الزعري بعمالة خنيفرة ورد ذكرها بتقييد لمؤلف مجهول (خع ٧٢٦) وقد أشار إليه الأستاذ محمد المنوني ومن ذلك مدرسة أبي الرجاء في شتوكة من كبار قادتها الحبيبي إبراهيم الميلكي. وتوجد رسالة في الأمر بالمعروف موجهة إلى العروسي بن عبد الله الجراري من شيخه محمد بن سعيد المرغيثي إمام مسجد المواسين بمراكش (١٠٨٩ هـ/ ١٦٧٨ م) يشكره على بناء مدرسة وأن لا يساعد على حفظ القرآن من لا يعرف عقيدة السلام وفرائض الدين. خع ٢١٦٠ د (١٠٣ هـ).
وكانت المدارس العلمية تقام في الصحراء وفي سوس بالأعشار فكانت الحكومة نفسها رعاية للدور الذي تقوم به هذه المعاهد ثقافياً ودينياً واجتماعياً لا تنفذ الأعشار لها بل ترخص للقبائل بدفع زكواتهم إليها