الأندلس بقرون ظل المسلمون يطبقون الشريعة الِإسلامية مؤثرين في محيطهم بمنطقية ورصانة الأحكام الفقهية وقد أكد محمد بن عبد الرفيع الأندلسي الذي توفي عام (١٠٥٢ هـ / ١٦٤٢ م) بعد الجلاء الأخير عن الأندلس بخمس وثلاثين سنة في كتاب "الأنوار النبوية في آباء خير البرية" أنه بقي في طليطلة أناس يدينون بالِإسلام في الباطن بعد أن زال عنها حكم الِإسلام بخمسمائة عام.
ولا شك أن للفقه المالكي خاصة بصمات تقوى وتضعف حسب الأقاليمِ التي تأثرت في أوروبا وأمريكا بالاشعاع القانوني الإِسباني والبرتغالي انطلاقاَ من الأندلس التي استمرت فيها تطبيقات فقهية مالكية إلى القرن الماضي.
وقد نقل دوزي عن صاحب كتاب (لوس - وزار ايبس دو طوليد) أن بعض القرى الأندلسية بناحية بلنسية استعملت العربية إلى أوائل القرن التاسع عشر وقد جمع أحد أساتذة جامعة مدريد (١١٥١) عقداً في موضوع البيوع محرراً بالعربية كنموذج للعقود التي كان الِإسبان يستعملونها في الأندلس. ونعطي مثالاً آخر لهذا التأثير أيضاً في مفهوم (الجنسية) في الفكر الِإسلامي. فالجنسية في الحقيقة ميزة تتسم بها أمة بعينها وهي أيضاً وصف لمن ينتسب لأمة من الأمم ولم يهتم الِإسلام بالجنسية أو العنصر بقدر ما اهتم بالملة أو النحلة الدينية ولكن ليس معنى هذا أن أحكام هذا المفهوم لم تكن واضحة مضبوطة في الِإسلام فقد قال النووي في تقريبه نقلاً عن عبد الله بن المبارك وغيره أن من أقام في بلدة أربع سنين نسب إليها وقد تحدث المراكشي في إعلامه عن أمد الحصول على هذه "الجنسية" حسب الفقه الإِسلامي (الإعلام ج ١ (ص ١٥٠).
وقد اختارت مدونات قانونية أوروبية وأمريكية نفس المدة لِإقرار جنسية الأجنبي المقيم في البلد، راجع "الجنسية في قوانين المغرب العربي الكبير" دراسة مقارنة ١٩٧١ م (٨٦١ ص) إبراهيم عبد الباقي، معهد الدراسات والبحوث العربية.