للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه، فلم يقولوا: ضربتني، ولا ضربتك، ولا ضربتنا، وإن تخالفا لفظًا لاتحادهما معنى؛ (ولا تفاقهما) من حيث كان كل واحد منهما ضميرًا متصلًا، فقصد مع اتحادهما معنىَّ تغايرهما لفظًا بقدر الإمكان، فمن ثم قالوا: ضرب زيد نفسه، صار النفس بإضافته إلى ضمير زيد كأنه غيره؛ لغلبة مغايرة المضاف للمضاف إليه، فصار الفاعل والمفعول- في (ضرب زيد نفسه) - مظهرين متغايرين في الظاهر.

وأما أفعال القلوب فإن المفعول به فيها ليس المنصوب الأول في الحقيقة، بل هو مضمون الجملة كما مضى، فجاز اتفاقهما لفظًا، لأنهما ليسا في الحقيقة فعلًا ومفعولًا به. كذا قال الرضي، ووجه ابن الحاجب ذلك بطريقة أخرى، فقال:

إنما أبدلوا المفعول بلفظ النفس في غير أفعال القلوب نحو: ضربت نفسي، لما تقرر في المعتاد من أن فعل الفاعل لا يتعلق بنفسه غالبًا، وإنما يتعلق بغيره، فلو قال: ضربتني وضربتك، لسبق إلى الفهم ما هو الغالب من المغايرة بينهما، ولم تقو حركة المضمر رافعة لهذا الإلباس مع قيام هذا الغالب، فأبدلوا المفعول بلفظ النفس إيذانًا العدول عن ذلك الغالب، بخلاف (علمت) و (ظننت) ـ فإنه ليس الغالب فيها المغايرة، بل علم الإنسان بصفات نفسه وظنه إياها أكثر، فكان [ذلك]

<<  <  ج: ص:  >  >>