قال ابن قاسم: إنما قال: (الأحرف) ولم يقل (الحروف)؛ لأنها جمع قلة، وقد انتقد المبرد وابن السراج على سيبويه قوله:(الحروف)، واعتذر عنه بأنه من وضع جمع الكثرة موضع جمع القلة كقوله تعالى:{ثَلاَثَةَ قُروءٍ}، أو بأنها جمع كثرة باعتبار ما يعرض لها من اللغات والتغيير.
قلت: التفريق بين جمع القلة وجمع الكثرة بأن الأول للعشرة فما دونها، والثاني لما فوق العشرة، أمر قد اشتهر وشاع قديما وحديثا بين الطلبة والعلماء، ووقع لمولانا سعد الدين التفتازاني في التلويح زيادة كلام في ذلك فقال:
واعلم أنهم لم يفرقوا في هذا المقام بين جمع القلة وجمع الكثرة، فدل بظاهره على أن التفريق بينهما إنما هو في جانب الزيادة، بمعنى أن جمع القلة مختص بالعشرة فما دونها، وجمع الكثرة غير مختص، لا أنه مختص بما فوق العشرة، وهذا أوفق بالاستعمالات، وإن صرح بخلافه كثير من الثقات. هذا كلامه، ويعني بالمقام المشار إليه مقام التعريف بما يفيد الاستغراق، يريد أن العلماء لم يفرقوا في هذا المحل بين: {فَاقْتُلُوا