أن محمدًا عبدك ورسولك العلم الذي هديت بمعارفه إلى الحق اليقين، وأنزلت عليه القرآن بلسان عربي مبين، ذو النسب الشريف الذي لشأنه التكبير ولشانئه التصغير، والدين الحنيف الذي نجا محالفوه وهلك مخالفوه، فانقسموا إلى جمع السلامة وجمع التكسير. ونصلي عليه وعلى آله وصحبه الذين جروا بميدان العربية فحولا لا يلحق لهم غبار، ورووا جمل أخبار الدين المفيدة فكان الرفع ثابتا لمحل تلك الأخبار، صلاة لا تزال الألسنة تجزم بفضلها وتعترف، ويدوم لقائها أحسن العيش ولا ينصرف، اللهم فأدم صلاتك عليه وعليهم، ووال تحياتك الطيبات واصلة إليه وإليهم.
وبعد فلا يخفى أن الكتاب المسمى: بـ "تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد" تأليف الإمام العالم مالك/ أزمة الفضائل وابن مالكها، السالك من طرق العربية في أفسح مسالكها، ملك النجاة جمال الدين أبي عبد الله محمد بن مالك - رضوان الله عليه - كتاب جمع الفوائد جمع كثرة، وأفصحت كلماته التي غلبت قيمتها فكان كل كلمة منه درة، لا ينازع في فضله من دخل من باب الاشتغال إليه، وإذا عد غيره من الفضلات فلا شك في أن العمدة عليه، طالما جاد بالنفع المتعدي فكان شكره لازما، وعد حازما من كان بإسكانه في منازل التقدم جازما، جمع بين براعة العبارة والتنقيح، واعتنى بالإيجاز فاغتنى بالتلويح عن التوضيح، وحشا أصداف المسامع دررا لا عهد لها بمثلها، فظن بعض الطاغين أنه سار في صعب الطرق وفي الواقع لم يسر