إياه. وعدل عن النبذ إلى المنابذة للإشعار بالمشاركة، أي: يجتنبون نبذهم له بالفتور عنه وترك الإقبال عليه، ونبذه لهم بمنعه إياهم عما حواه من النفائس واشتمل عليه من الفوائد، (عد) عدم حصولهم منه على ذلك عند إهماله منعا منه لهم، ومقابلة لإعراضهم عنه بحرمانه إياهم لنكته ولطائفه على سبيل الادعاء والمبالغة، وفي ذلك من حيث الهمم والقرائح على تحصيله والاعتناء بشأنه مالا يخفى. "النجباء" جمع النجيب، وهو الحسيب والكريم. وقدم المفعول في كل من هاتين القرينتين إما للإهمال بشأنه أو للمحافظة على السجع الحسن.
فإن قلت: السجع حاصل مع تأخير المفعول؛ إذ لو قال: بأن يلبي الألباء دعوته ويجتنب النجباء منابذته، لم يفت السجع؟
قلت: نعم، لكنه تفوته نكتة بديعية هي من المحسنات المقصودة للبلغاء؛ إذ في التسجيع بالألباء والنجباء لزوم مالا يلزم: وهو الإتيان بالباء قبل الألف، وهذا منتف لو سجع بدعوته ومنابذته.
"ويعترف" بالنصب أيضا عطفا على ما تقدم، أي: يقر "العارفون"، أي: أهل المعرفة، وفيه تعريض بأن غير المعترف بفضله معدود من ذوي الجهالة لا من أهل المعرفة، وفي هاتين الكلمتين ما يشبه الاشتقاق، فيلحق ذلك