ذكر لينسب إليه - بطريق من الطرق - حال من أحواله، ويرتبط به - بوجه من الوجوه - حكم من أحكامه؛ ولهذا فرق بين: ضربت زيدًا، وزيد ضربته، فحكم بأن زيدًا - في الأول مفعول به، وفي الثاني مبتدأ، مع أن فعل الفاعل واقع عليه في ١٣٦ الصورتين، لأنه ذكر في الأول بيانًا لما/ وقع عليه الفعل، وفي الثاني ليسند إليه حال من أحواله وحكم من أحكامه؛ ولذلك صرحوا بأن (زيد أبوه منطلق) معناه زيد منطلق الأب، وعلى هذا فنقول معنى الجملة الإنشائية - طلًا كان أو غيره - وإن كان حاصلًا معها لكنه قائم بالطالب والمنشئ، فإذا قلت: زيد اضربه، فطلب الضرب صفة قائمة بالمتكلم، وليس حالًا من أحوال زيد، إلا باعتبار تعلقه به، أو كونه مقولًا في حقه، واستحقاقه أن يقال فيه، ولابد أن يلاحظ في وقوعه خبرًا - هذه الحيثية، فكأنه قيل: زيد مطلوب ضربه، أو مقول في حقه ذلك، لا على معنى الحكاية بل على معنى أنه يستحق أن يقال فيه، فيستفاد - من لفظ (اضربه) - طلب ضربه، ومن ربطه بالمبتدأ معنى آخر لا يستفاد من قولك: اضرب زيدًا.
وامتناعه من احتمال الصدق والكذب بحسب المعنى الأول لا ينافي احتمالها بحسب المعنى الثاني. هكذا قرر هذا الحل بعض المتأخرين، وهو في غاية الحسن. «ولا»[يمتنع أيضًا كون الجملة الواقعة خبرًا للمبتدأ جملة]«قسيمة، خلافًا لثعلب» فإنه منع نحو: زيد لأكرمنه، وعلل ذلك بعضهم بأن نحو: لأفعلن لا محل له، فإذا بنى على المبتدأ فقيل: زيد ليفعلن، صار له موضع.