فإن قلت: ما وجه ذلك؟ قلت: سلامة الثاني من الاحتمال الذي يتطرق إلى الأول؛ وذلك لإمكان تقدير حذف عند قوله:(منجنونا)، وجعل (معذبًا) مصدرًا ميميًا، والتقدير: وما الدهر إلا يدور دوران منجنون، وما صاحب الحاجات إلا يعذب تعذيبًا. فهو مثل قولك: ما زيد إلا سيرًا. وهذا مفقود في الثاني.
فإن قلت: بل هو موجود فيه؛ إذ (نكالًا) مصدر، فيكون التقدير: وما حق المذكور إلا ينكل نكالًا و [قد] قدره ابن قاسم كذلك.
قلت: ليس الأمر كما تجعله، فإن المصدر في البيت الأول لا يصح الإِخبار به عن المسند إليه فيه؛ إذ الدهر ليس نفس الدوران، ولا صاحب الحاجات نفس التعذيب، فمن ثم احتيج إلى تقدير الناصب للمصدر تصحيحًا للإِخبار. وأما في البيت الثاني فيصح الإِخباربالمصدرعن المسند إليه، وهو الحق؛ إذ لو قلت: حق زيد النكال/، صح، وتقدير نصبه بالفعل على الوجه الذي قدرته غير متأت؛ إذ لا يجوز أن تقول: حق زيد ينكل، فإن ذهبت إلى تقدير (أن) لتصحيح الحمل لزم حذف الموصول وبقاء معمول الصلة، وهو محذور، هذا وجه ما قاله المصنف فيما ظهر لي، والله أعلم.
«والمعطوف على خبرها بـ (بل) و (لكن) موجب»؛ لانهما للإِثبات بعد النفي؛ فنزول علة العملة، وهي النفي «فيتعين رفعه» على أنه معطوف على