إلا مطلقا المضي دون تعرض لقرب الزمان ولا بعد، فينبغي ألا يقصد بالمستقبل إلا مطلق الاستقبال دون تعرض لقرب ولا بعد، ليجزي المتقابلان على [سنن واحد]. وفيه نظر، لأنه قاس المضارع المقترن بالأداة الموجبة للتخصيص على الماضي الخالي عنها، وهو غير صحيح، فإن الماضي إذا كان بدون أداة، كقد مثلا دلل على المضي المطلق، وإذا اقترن بها دل على الماضي القريب من الحال. وهو في اختلاف حالتيه كالمضارع فإنه مع خلوه من الأداة يدل على معنى ومع اقترانه بها يدل على أمر آخر.
على أن قياس أحد المتقابلين على الآخر لا يجديه نفعا، لجواز اختصاص كل منهما بحكم يقابل حكم الآخر، ويجوز مع ذلك أن يكون مشاركا له في حك آخر، ألا ترى أن الأمر والنهي مشاركان في الإنشاء، وقد انفرد كل منهما بأحكام تخصه؟ ومهما لم يذكر الجامع بين المقيس والمقيس عليه الذي هو مناط الحكم لم يصح القياس "أوسف" حكاه الكوفيون، وهو في الحروف ك (منذ) إسما وحرفا إذا حذف، وسطها "أوسو" حكاه الكسائي، وهو مثل (كي) في (كيف) نحو:
كي تجنحون إلى سلم وما ثئرت ... قتلاكم ولظي الهيجاء تضطرم