للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من أجلها، في صلح الحديبية (١) ألزمتهم لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه أمرا يُخالف نفوسهم،


(١) بعثت قريش سهيل بن عمرو ليوقع الصلح- فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا " وفي لفظ: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " سهل أمركم " وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متربعا، وكان عباد بن بشر وسلمة بن أسلم بن حريش على رأسه - وهما مقنعان في الحديد - فبرك سهيل على ركبتيه فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطال الكلام وتراجعا، وارتفعت الأصوات وانخفضت، وقال عباد بن بشر لسهيل: اخفض من صوتك عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلوس، فجرى بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين سهيل القول حتى وقع الصلح على ان توضع الحرب بينهما عشر سنين، وأن يأمن الناس بعضهم بعضا، وان يرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامه هذا، فإذا كان العام المقبل قدمها فخلوا بينه وبين مكة، فأقام فيها ثلاثا فلا يدخلها إلا بسلاح الراكب والسيوف في القرب لا يدخلها بغيره، وانه من أتى محمدا من قريش بغير اذن وليه - وان كان على دين محمد - رده الى وليه، وانه من أتى قريشا ممن اتبع محمدا لم يردوه عليه، - وان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيبة مكفوفة، وانه لا اسلال ولا اغلال، وانه من حب ان يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب ان يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل، فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم. فكره المسلمون هذه الشروط وامتعضوا منها، وأبى سهيل إلا ذلك فلما اصطلحوا ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ألست نبي الله حقا؟ قال: بلى. قال: ألسنا على الحق= = وهم على الباطل؟ قال: بلى، قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: علام نعطي الدنية في ديننا؟ ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إني عبد الله ورسوله ولست اعصيه ولن يضيعني وهو ناصري " قال: أو ليس أنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف حقا؟ قال: " بلى، أفأخبرتك انك تأتيه العام؟ قال: لا: قال: " فانك آتيه ومطوف به "، فذهب عمر إلى أبي بكر متغيظا ولم يصبر، فقال: يا أبا بكر: أليس هذا نبي الله حقا؟ قال: بلى. قال: السنا على الحق وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم؟ قال: أيها الرجل انه رسول الله وليس يعصي ربه، وهو ناصره فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله انه لعلى الحق. وفي لفظ فانه رسول الله. فقال عمر: وأنا اشهد أنه رسول الله، قال: أو ليس كان يحدثنا انه سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قال: لا. قال: فإنك آتيه ومطوف به. فلقي عمر من هذه الشروط أمرا عظيما (انظر كتاب سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد).

<<  <   >  >>