للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ فَآمَنَت طّآئِفَةٌ مّن بَنِيَ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طّآئِفَةٌ فَأَيّدْنَا الّذِينَ آمَنُوا عَلَىَ عَدُوّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (١). أما محمد - صلى الله عليه وسلم - من أول يوم قال: من ينصرني حتى أُبلغ رسالة ربي؟ والله - سبحانه وتعالى - أمر المؤمنين كلهم أن ينصروه.

o الفرق بين طلب عيسي - عليه السلام - للنصرة وبين محمد - صلى الله عليه وسلم -:

١) الفرق الأول: سيدنا عيسي - عليه السلام - طلب النصرة حينما انتهت دعوته، قبل أن يُرفع إلي السماء، علم أنه سيُرفع إلي السماء، وخشي أن يضيع الدين، قال تعالى: {فَلَمّآ أَحَسّ عِيسَىَ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِيَ إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ} (٢).

أما نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بدأت دعوته: بمن ينصرني حتى أُبلغ رسالة ربي؟

٢) الفرق الثاني: سيدنا عيسي - عليه السلام - طلب النصرة وما حمل السيف، لينصروه في الدعوة، ومن هم الذين طلب منهم النصرة؟

ما طلب سيدنا عيسى - عليه السلام - النصرة من كل من قال لا إله إلا الله طلب من الحواريين وهم الأصحاب المقربون منه، وهم العلماء والحكماء، يعني الذين معهم مؤهلات للقيام بالدعوة، وبعثهم إلي الأمصار (٣).


(١) سورة الصف – الآية١٢.
(٢) سورة آل عمران – الآية٥٢.
(٣) قال ابن كثير: في قوله تعالى: {فَلَمّآ أَحَسّ عِيسَىَ مِنْهُمُ الْكُفْرَ} أي استشعر منهم التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال، قال: {مَنْ أَنصَارِيَ إِلَى اللهِ}؟ قال مجاهد: أي من يتبعني إلى الله، وقال سفيان الثوري: أي من أنصاري مع الله، وقول مجاهد أقرب، والظاهر أنه أراد من أنصاري في الدعوة إلى الله، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في مواسم الحج قبل أن يهاجر: (من رجل يؤويني حتى أبلغ كلام ربي، فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي) حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه، وهاجر إليهم فواسوه ومنعوه من الأسود والأحمر، رضي الله عنهم وأرضاهم. وهكذا عيسى بن مريم - عليه السلام - انتدب له طائفة من بني إسرائيل فآمنوا به ووازروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، ولهذا قال الله تعالى مخبراً عنهم: {قَالَ الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ}، الحواريون قيل: كانوا قصّارين، وقيل سموا بذلك لبياض ثيابهم، وقيل: صيادين، والصحيح أن الحواري: الناصر كما ثبت في الصحيحين: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ندب الناس يوم الأحزاب فانتدب الزبير - رضي الله عنه -، ثم ندبهم فانتدب الزبير - رضي الله عنه -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لكل نبي حواريّ، وحواريَّ الزبير " (مختصر تفسير ابن كثير)

<<  <   >  >>