للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} (١) فقال في الآية التي تليها: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (٢)

يقول الإمام الفخر الرازي: (في تفسير قوله تعالي): {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالّذِينَ آذَوْا مُوسَىَ} لما بين الله تعالى أن من يؤذي الله ورسوله يلعن ويعذب وكان ذلك إشارة إلى إيذاء هو كفر، أرشد المؤمنين إلى الامتناع من إيذاء هو دونه وهو لا يورث كفرا، وذلك مثل من لم يرض بقسمة النبي عليه السلام وبحكمه بالفيء لبعض وغير ذلك فقال: (كبيرا) {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالّذِينَ آذَوْا مُوسَىَ} وحديث إيذاء موسى مختلف فيه، قال بعضهم: هو إيذاؤهم إياه بنسبته إلى عيب في بدنه (٣)،


(١) سورة الصف _ الآية٤.
(٢) سورة الصف _ الآية٥.
(٣) كما جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن موسي كان رجلا حييا ستيرا لا يري من جلده شيء استحياء، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما تستر هذا التستر إلا من عيب بجلده: إما برص، وإما أُدرة، وإن الله أراد أن يبرئه، فخلا يوما وحده ليغتسل، فوضع ثوبه علي حجر، ففرَّ الحجر بثوبه، فجمح موسي في أثره يقول: ثوبي يا حجر! حتي انتهي إلي ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عُريانا أحسن ما خلق الله، وقالوا: والله ما بموسي من بأس، وأخذ ثوبه، وطفق بالحجر ضربا، فو الله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا" متفق عليه (مشكاة المصابيح _ كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق _ باب بدء الخلق وذكر الأنبياء٣/ ١٥٩٠).
والأدرة: نفخة بالخصية.

<<  <   >  >>