للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتسمى الشيء الواحد بالأسماء الكثيرة

وتسمى بالاسم الواحد المعاني الكثيرة.

وكانت هذه الوجوه التى وصفت اجتماعها في معرفة أهل العلم منها به ـ وإن اختلفتْ أسباب معرفتها ـ معرفةً واضحةً عندها، ومستنكرًا عند غيرها ممن جهلَ هذا من لسانها، وبلسانها نزل الكتاب وجاءت السنة، فتكلف القول في علمها تكلُّف مايجهلُ بعضه.

ومن تكلف ما جهل ومالم تثبته معرفته كانت موافقته للصواب ـ إنْ وافقه من حيثُ لا يعرفه ـ غير محمودة،والله أعلم، وكان بخطئه غير معذور، إذا ما نطق فيما لايحيط علمه بالفرق بين الخطأ والصواب فيه (١)

هذا بعض خصائص لسان العربية التى نزل عليها الوحي في بيانه وإفهامه مراد الله عز وجل من عباده،وهي خصائص مذهبية منهجية كلية من تحتها خصائص دقيقة جليلة يقف عليها علماء بيان العربية.

والشافعي قرر فيما قرر قي رسالته الجليلة:

" ولسان العربِ أوسع الألسنة مذهبًا وأكثرها ألفاظا، ولانعلمه يُحيطُ بجميع علمه إنسان غير نبي، ولكنه لايذهب منه شيء على عامتها حتى لايكون موجودًا فيها من يعرفه" (٢) (٥)

فانظر قوله:" أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا" جاعلا الاتساع للمذهب والكثرة للألفاظ،وإذا ما كانت الإحاطة بالألفاظ جد عسيرة فكيف تكون الإحاطة بالمذاهب المتسعة؟!.

وإذا ما كانت المذاهب متسعة وهي في بيان البشر وهم مهما علا علمهم وقدرهم وأطاق اقتدارهم عاجزون عن الإحاطة وعن التَّطَهُّرِ من الغفلة والإبهام في البيان عن المراد، فكيف يكون الأمر حين يكون البيان بيان الله عز وعلا الذي لاتنفد كلماته:

" قُلْ لَوْ كَانَ البَحْرُ مِدَدًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ولَو جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا " {الكهف: ١.٩}


(١) - الرسالة:٥١-٥٣
(٢) - السابق:٤٢

<<  <   >  >>