للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إنَّ فقه النداء في القرآن الكريم يُعْنى بتبصُّر ما يعبر به عن المنادَى في سياقه والقصد المنصوب له الكلام، وهذا تراه ظاهر التصريف البليغ المعجز في نداء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم حينا يناديه: يأيها النبيُّ، وحينًا يناديه: يأيها الرسول، ولكلٍّ سياقُه ومقامُه ومقتضاه، ولم يأت البتة: يا محمد، كما جاء في نداء سائر الأنبياء على الرغم أنَّ في اسمه: " محمد" من الثناء ما فيه، فهو دالٌّ على ذاته ونعته: أيْ المُبالَغِ في حمْدِه لعظيم خلقه ومنزلته عند ربِّه عزَّ وجلَّ وهذا من عظيم إجلال الله عز وجلَّ عبده ونبيه ورسوله محمدًا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

[بلاغة الاستفهام في قوله تعالى:]

(مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض)

في قوله (مالكم) استفهام توبيخى يجلد ظهر كل متثاقل عن الجهاد وقدهُيِّئ له فكيف بمن دُعِى إليه وحُثَّ وأُغْرِيَ بِه، ولم يُحرم منه أو يُحَرَّم عليه، كما هو حالنا في زماننا هذا، وقد حُرَّمَ علينا أن نجاهد أعداء الإسلام، فمن يفعل، فقد باء بجريرة لاقرار له معها في أرض تطلع عليها الشمس.

ومعنى الاستفهام:" أي شيء لكم في التثاقل عن الجهاد وقت أن يقال لكم انفروا في سبيل الله تعالى؟

وغيرخفي أن في هذا نفيا عظيما لأن يكون لهم أدنى ما يحملهم على التثاقل عند دعوتهم إلى الجهاد، وهذا مسلك من مسالك النفي المؤكد الذي لا قِبَلَ للمعاند إلى نقضه

<<  <   >  >>