بينهم، كما تحصل بين شراب الخمر، فتكون شياطين أحدهم أقوى من شياطين الآخر فيقتلونه.
[غاية الكرامة لزوم الاستقامة]
ويظن الجهال أن هذا من كرامات أولياء الله المتقين، وإنما هذا مبعد لصاحبه عن الله، وهو من أحوال الشياطين، فإن قتل المسلم لا يحل إلا بما أحله الله، فكيف يكون قتل المعصوم مما يكرم الله به أولياءه؟! وانما غاية الكرامة لزوم الاستقامة، فلم يكرم الله عبدا بمثل أن يعينه على ما يحبه ويرضاه، ويزيده مما يقربه اليه ويرفع به درجته، وذلك أن الخوارق منها ما هو من جنس العلم، كالمكاشفات، ومنها ما هو من جنس القدرة والملك، كالتصرفات الخارقة للعادات، ومنها ما هو من جنس الغنى، من جنس ما يعطاه الناس في الظاهر، من العلم، والسلطان، والمال، والغنى.
[انخداع صاحب الخوارق الشيطانية بحاله]
وجميع ما يؤتيه الله لعبده من هذه الأمور، إن استعان به على ما يحبه ويرضاه، ويقربه إليه، ويرفع درجته، ويأمره الله به ورسوله، ازداد بذلك رفعة وقربا إلى الله ورسوله، وعلت درجته.
وإن استعان به على ما نهى الله عنه ورسوله، كالشرك، والظلم، والفواحش، استحق بذلك الذم والعقاب، فإن لم يتداركه الله تعالى بتوبة أو حسنات ماحية، وإلا كان كأمثاله من المذنبين، ولهذا كثيرا ما يعاقب أصحاب الخوارق، تارة بسلبها، كما يعزل الملك عن ملكه، ويسلب العالم علمه، وتارة بسلب التطوعات، فينقل