(١) ورد في تفسير الضمير في قوله: «رجعِه» قولان: الأول: أنه يعودُ على الإنسان، وفيه تأويلان: الأول: إنه على رجعِ الإنسان بعد مماته لقادر، وهو قول قتادة من طريق سعيد. الثاني: إنه على رَدِّ الإنسان ماءً لقادر، وهو قول الضحاك من طريق عبيد ومقاتل بن حيان. الثاني: أنه يعود على الماء، وفيه تأويلات: الأول: إنه على رَدِّ الماء في الصُّلب لقادر، وهو قول عكرمة من طريق أبي رجاء. الثاني: إنه على رَجْعِهِ في الإحليل لقادر، وهو قول مجاهد من طريق ليث وعبد الله بن أبي بكر وابن أبي نجيح. الثالث: إنه على رَدِّ الماء وحبسِه فلا يخرجْ لَقادر، وهو قول ابن زيد. والقول الأول هو الراجح، قال الطبري: «وأَوْلى الأقوالِ في ذلك بالصواب، قول من قال: معنى ذلك: إن الله على رَدِّ الإنسان المخلوقِ من ماءٍ دافقٍ من بعد مماته حيّاً، كهيئتهِ قبل مماته، لقادر. وإنما قلت: هذا أولى الأقوال في ذلك بالصواب؛ لقوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}، فكان في إتباعه قوله: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} نبأٌ من أنباء القيامة، دلالة على أنَّ السابق قبلها أيضاً منه، ومنه: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} يقول تعالى ذكره: إنه على إحيائه بعد مماته لقادر يومَ تُبلى السرائر، فاليوم من صفة الرجع، لأن المعنى: إنه على رجعه يوم تبلى السرائر لقادر». وقال ابن القيم: «والقول الأول هو الصواب لوجوه: أحدها: أنه المعهودُ من طريقة القرآن من الاستدلال بالمبدأ على المعاد ... الثالث: أنه لم يأت لهذا المعنى [أي: رد الماء إلى الصلب أو الإحليل] في القرآن نظيرٌ في موضعٍ واحد، ولا أنكرَه أحدٌ حتى يقيم سبحانه الدليل عليه ... الخامس: أن الضمير في «رجعه» هو الضمير في قوله: {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ}، وهذا للإنسان قطعاً، لا للماء ...». (التبيان في أقسام القرآن: ٦٦).