ووردَ تفسيرٌ آخر، وهو هديناه إلى الثديين: سبيلَي اللَبن الذي يتغذَّى به، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق عيسى بن عقال عن أبيه، والضحَّاك من طريق جويبر، وقال الربيع بن خثيم: «أما إنهما ليسا بالثديين»، فردَّ هذا القول، مع أنَّ له وجهٌ في النظر؛ لأنه يناسب المِنَّة بجعل العينين واللسان والشفتين للإنسان، ويكون المعنى: أنه هداه لرضاعة لبن أمِّه، وهو لا يدرك، ولا شكَّ أنَّ من هداه لهذا الأمر الذي به حياته، فإنه سيبيِّن له طريق الخير والشر كما قاله الآخرون. وقولهم في تفسير النجدين أولى كما قال الطبري: «وأولى القولين بالصواب في ذلك عندنا قول من قال: عنى بذلك طريقَ الخير والشر، وذلك أنه لا قول في ذلك نعلمه غير هذين القولين اللذَيْن ذكرنا، والثَّدْيان، وإن كانا سبيلَي اللبن، فإن الله تعالى ذِكْره إذْ عدَّدَ على العبد نِعَمَهُ بقوله: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: ٢]، إنما عدَّد عليه هدايتَه إياهُ إلى سبيل الخير من نعمه، فكذلك قوله: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}». (٢) ورد في هذه الآية قراءتان: =