للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقسمُ بالليلِ وما جَمَعَ فيه من الخلقِ وحَواهم (١)، ويقسِمُ بالقمرِ إذا تمَّت


= ومحمد بن علي بن الحسين ومكحول وبكر بن عبد الله المزني وبكير بن الأشج ومالك وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن سلمة بن الماجشون، ونقل هذا المعنى عن الخليل والجوهري من علماء اللغة.
ويلاحَظُ أنَّ هذا اللفظَ مما يتعلقُ به حكمٌ شرعيٌّ، فقد ورد في صحيح مسلم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «وقت المَغْرِبِ ما لم يغب الشفق». وهذا القول هو الصواب، وهو اختيار ابن جرير وابن كثير وغيرهم من المفسِّرين، والله أعلم.
وقد قال مجاهد في تفسير الشَّفَق: «النهارُ كله»، ورد ذلك عنه من طريق ابن أبي نجيح ومنصور، وقال في رواية العوَّام بن حَوْشَب: «إن الشفقَ من الشمس»، ويظهر أنه إنما حملَهُ على هذا، قَرْنَهُ بقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} (تفسير ابن كثير)، وقال عنه ابن القيم: «وهذا ضعيف جداً ...». (التبيان في أقسام القرآن: ٦٩).
وحكى ابن جرير عن بعضِهم أنه من الأضداد، فيقال للحمرة: شَفَق، وللبياض شَفَق، ولم ينسبه إلى أحد، وقد ورد عن أبي هريرة وعمر بن عبد العزيز تفسير الشفق بالبياض (تفسير عبد الرزاق)، والله أعلم.
(١) قال ابن جرير: «والليل وما جمع مما سكنَ وهدأَ فيه من ذي رُوح كان يطيرُ أو يَدِبُّ نهاراً ... وبنحْوِ الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل». ثم ذكرَ الروايةَ عن مفسِّري السلف: عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة ومجاهد وابن أبي مليكة، والحسن من طريق أبي رجاء، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح ومنصور، وقتادة من طريق سعيد ومعمر، وسعيد بن جبير من طريق أبي الهيثم، وعكرمة من طريق سماك، وابن زيد.
والروايةُ عن مجاهد من طريق منصور، جاءت مرَّة: «وما أظلمَ عليه، وما دخلَ فيه»، ومرَّة: «وما لفَّ»، ومرة: «وما لفَّ عليه»، ومرَّة: «وما دخلَ فيه». وهذه تفاسيرٌ بالمعنى؛ لأن ما لفَّ عليه الليل فقد جمَعهُ، وما دخل فيه فقد جمعَهُ، وما أظلمَ عليه فقد جمعَهُ، وبهذا لا تكون خارجة عن معنى الجمع، ولذا لم يجعله ابن جرير قولاً آخر في معنى وَسَق، والله أعلم.
وقد ترجم ابن جرير لقول آخر، فقال: وقال آخرون: معنى ذلك: «وما ساق، ثم ذكر الروايةَ عن ابن عباسٍ من طريق عطيَّة العوفي، قال: وما ساق الليل من شيء جمعه: النجوم». قال عطية العوفي: «ويقال: والليل وما جمع»، وعن عكرمة من طريق حسين، قال: «وما ساق من ظُلمة، فإذا كان الليل، ذهبَ كلُّ شيءٍ إلى مأواه»، وعن الضحاك من طريق عبيد، قال: «ما ساق معه من ظُلمةٍ إذا أَقْبَلَ». =

<<  <   >  >>