وإن لم يكن مستعملا في اللفظ، وكأنهم استغنوا بسلف هذا المفتوح عن ذلك المكسور أن ينطقوا به غير مسكن، وإذا كانوا قد جاءوا بجموع لم ينطقوا لها بآحاد مع أن الجمع لا يكون إلا عن واحد، فأن يستغنى (بفعل) عن فعل من لفظه ومعناه وليس بينهما إلا فتحة عين هذا وكسرة عين ذلك أجدر، وأرى أنهم استغنوا بالمفتوح عن المكسور لخفة الفتحة، فهذا ما يحتمله القياس، وهو أحسن من أن تحمل الكلمة على الشذوذ ما وجدت لها ضربا من القياس (١) فإن قلت: فإنا لم نسمعهم يقولون يسلف بفتح اللام فما تنكر أن يكون هذا يدل على أنهم لا يريدون سلف على وجه، إذ لو كان مرادا عندهم لقالوا في مضارعه
يسلف، كما أن من يقول قد علم فيسكن عين الفعل لا يقول في مضارعه إلا يعلم فالجواب أنهم (لما) لم ينطقوا بالمكسور على وجه واستغنوا عنه بالمفتوح صار عندهم كالمرفوض الذى لا أصل له، وأجمعوا على مضارع المفتوح (٢) ، هذا كلامه والبيت من قصيدة للاخطل النصراني، وعدتها ستة عشر بيتا، وهذا أولها، ويليه: أتغضب قيس أن هجوت ابن مسمع * وما قطعوا بالعز باطن وادى وكنا إذا احمر القنا عند معرك * نرى الارض أحلى من ظهور جياد كما ازدحمت شرف نهال لمورد * أبت لا تناهي دونه لذياد وقد ناشدته طلة الشيخ بعدما * مضت حقبة لا ينثنى لنشاد
(١) الذى في شرح تصريف المازني لابن جنى: " وهو أحسن من أن تحمل الكلمة على الشذوذ مرة ما قد وجدت له ضربا من القياس " ولعل ما في الاصل كتابنا أحسن (٢) في الاصول التى بأيدينا " وأجمعوا على المضارع المفتوح " وهو خطا والصواب ما أثبتناه نقلا عن شرح تصريف المازنى وذلك لانهم إنما قالوا يسلف كيضرب وهذا مضارع الماضي المفتوح العين، وليس هو المضارع المفتوح (*)