للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا صغرت مبيطرا وميسطرا كان التصغير بلفظ المكبر، لأنك تحذف الياء كما تحذف النون في منطلق، وتجئ بياء التصغير في مكانه، ولو صغرتهما تصغير الترخيم لقلت: بطير، وسطير قال: " وَتَصْغِيرُ التَّرْخِيمِ أنْ تَحْذِفَ كلَّ الزَّوائِدِ ثُمَّ تُصَغِّرَ كَحُمَيْدِ فِي أَحْمَدَ " أقول: اعلم أن مذهب الفراء أنه لا يصغر تصغير الترخيم إلا العلم، لأن ما أبقى منه دليلٌ على ما ألقى لشهرته، وأجاز البصرية في غير العلم أيضاً، وقد ورد في المثل " عَرَفَ حُمَيْقٌ جَمَله " (١) تصغير أحمق وإذا صغرت مُدَحْرجاً تصغير الترخيم قلت: دُحَيْرج، وما قال بعض العرب في تصغير إبراهيم وإسماعيل - أعني بُرَيْه وسُمَيع - فإما أن يكون جعل الميم واللام زائدتين، وإن لم يكونا من الغوالب في الزيادة في الكلم العربية في مثل مواضعهما، كما يجئ في باب ذي الزيادة، لكنهم جعلوا حكم العجمية غير حكم العربية، أو يكون حذف الحرف الأصلي شاذاً، لأن تصغير الترخيم شاذ، والأعجمي غريب شاذ في كلامهم، فشبهوا الميم واللام لااصليتين، لكونهما من حروف " اليوم تنساه " بحروف الزيادة، وحذفوهما حذفاً شاذاً، لإتباع الشذوذ للشذوذ، فعلى هذا يكون الهمزة أصلاً كما في إصطبل، فيكون تصغيرهما على بُرَيْهيم وسُمَيْعِيل، بحذف الهمزة وهما المشهوران، شاذا أيضا، والقياس


(١) قال العلامة الميداني في مجمع الامثال (ج ١ ص ٤٠١ طبع بولاق) " عرف حميق جمله: أي عرف هذا القدر وإن كان أحمق، ويروى عرف حميقا جمله: أي
أن جمله عرفه فاجترأ عليه.
يضرب في الافراط في مؤانسة الناس.
ويقال: معناه عرف قدره.
ويقال: يضرب لمن يستضعف إنسانا ويولع به فلا يزال يؤذيه ويظلمه " (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>