للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصاد الواقعة قبلها: سكنت الدال أو تحركت، ولو روى " منهما " لكان الْمَعْنَى من المضارعة والقلب، ويعني بالبيان الإتيان بالصاد والسين صريحين بلا قلب ولا إشراب صوت، ففي الصاد الساكنة قبل الدال البيان أكثر، ثم المضارعة، ثم قلبها زاياً قوله " وَمَسَّ زَقَرَ كَلْبِيَّة " أي: قبيلة كلب تقلب السين الواقعة قبل

القاف زاياً، كما يقلبها غيرهم صاداً، وذلك لأنه لما تباين السين والقاف لكون السين مهموسة والقاف مجهورة أبدلوها زاياً، لمناسبة الزاي للسين في المخرج والصفير، وللقاف في الجهر قوله " وَأَجْدَرَ وَأَشْدَقُ (١) " يعني إشرابُ الجيم والشين المعجمتين الواقعتين قبل الدال صوتَ الزاي قليلٌ، وهذا خلاف ما قاله سيبويه، فإنه قال في إشراب مثل هذا الشين صوتَ الزاي: " إن البيان أكثر وأعرف، وهذا عربي كثير " وإنما بضارع بالشين الزايُ إذا كانت ساكنة قبل الدال، لأنها تشابه الصاد والسين اللَّذَين يقلبان إلى الزاي، وذلك بكونها مهموسةً رخوةً مثلهما، وإذا أجريت في الشين الصوتَ رأيت ذلك بين طرف لسانك وأعلى الثَّّنِيَّتين موضع الصاد والسين، ثم إن الجيم حملت على الشين وإن لم يكن في الجيم من مشابهة الصاد السين مثْلُ ما بينهما وبين الشين، وذلك لأن الجيم من مخرج الشين، فعمل بها ما عمل بالشين، ولا يجوز أن يجعل الشين والجيم زاياً خالصة كالصاد والسين، لأنهما ليستا من مخرجهما قال: " الإِدْغَامُ: أنْ تَأْتِي بِحَرْفَيْن سَاكِنٍ فَمُتَحَرِّك مِنْ مُخْرَجٍ وَاحِدٍ


(١) الاشدق: الواسع الشدق، وهو جانب الفم، ويقال: رجل أشدق، إذا كان متفوها ذابيان، وقد قالوا لعمر بن سعيد: الاشدق، لانه كان أحد خطباء العرب.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>