وإنما كان كذلك، لأن الغضب يلزمه في الاغلب حرارة البطن، وقالوا: عَجِل
وعَجْلان، فَعَجِلٌ باعتبار الطيش والخفة وعَجْلان باعتبار حرارة الباطن والمقصود أن الثلاثة المذكورة إذا تقاربت فقد تشترك وقد تتناوب وقالوا: قَدَح (١) قَرْبان إذا قارب الامتلاء، ونَصْفَان إذا امتلأ إلى النصف، وإن لم يستعمل قَرِب ونَصِف، بل قارب وَنَاصَفَ، حملاً على المعنى: أي امتلأ.
ويجئ فعيل فيما حقه فَعِلٌ، كَسَقِيمٌ وَمَرِيض، وحمل سَليمٌ على مريض.
والقياس سالم ومجئ فعيل في المضاعف والمنقوص اليائي أكثر كالطبي وَاللَبيب وَالْخَسيس وَالتَّقِيّ وَالشَّقِيَ، وقد جاء فاعل في معنى الصفة المشبهة - أي: مطلق الاتصاف (٢) بالمشتق
(١) أخذ المؤلف هذه العبارة عن سيبويه قال: " وقالوا: قدح نصفان وجمجمة نصفي، وقدح قربان وجمجمة قربي، إذا قارب الامتلاء، جعلوا بمنزلة الملان، لان ذلك معناه معنى الامتلاء، لان النصف قد امتلا، والقربان ممتلئ أيضا إلى حيث بلغ، ولم نسمعهم قالوا: قرب ولا نصف، اكتفوا بقارب وناصف، ولكنهم جاءوا به كأنهم يقولون قرب ونصف، كما قالوا: مذاكير، ولم يقولوا: مذكير ولا مذكار " اه، والجمجمة: القدح أيضا (٢) هذا رأى للمؤلف خالف به المتقدمين من فطاحل العلماء، فان مذهبهم أن الصفة المشبهة موضوعة للدلالة على استمرار الحدث لصاحبه في جميع الازمنة، وقد أوضح هذه المخالفة في شرح الكافية فقال: (ج ٢ ص ١٩١) : " والذي أرى أن الصفة المشبهة كما أنها ليست موضوعة للحدوث في زمان ليست أيضا موضوعة للاستمرار في جميع الازمنة، لان الحدوث والاستمرار قيدان في الصفة، ولا دليل فيها عليهما، فليس معنى حسن في الوضع الا ذو حسن، سواء كان في بعض الازمنة (*)