للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيما قرئ من قوله تعالى (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ الله الصمد) فشاذ والأصل في تحريك الساكن الأول الكسر، لما ذكرنا أنه من سجية النفس إذا لم تُسْتَكْرَه على حركة أخرى، وقيل: إنما كان أصل كل ساكن

احتيج إلى تحريكه من هذا الذي نحن فيه ومن همزة الوصل الكسر لأن السكون في الفعل: أي الجزم، أقيم مقام الكسر في الاسم: أي الجر، فلما احتيج إلى حركة قائمة مقام السكون مزيلة له أقيم الكسر مقامه على سبيل التقاص، وقيل: إنما كسر أول الساكنين وقت الاحتياج إلى تحريكه لأنه لم يقع إلا في آخر الكلمة فاستحب أن يحرك بحركة لا تلتبس بالحركة الإعرابية، فكان الكسر أولى، لأنه لا يكون إعراباً إلا مع تنوين بعده أو ما يقوم مقامها من لام وإضافة، فإذا لم يوجد بعده تنوين ولا قائم مقامها علم أنه ليس بإعراب، وأما الضم والفتح فقد يكونان إعرابا بلا تنوين، ولا شئ قائم مقامه، نحو جاءني أحمد، ورأيت أحمد، ويضرب ولن يضرب، فلو حرك بإحدى الحركتين لالتبست بالحركة الإعرابية قوله " ولم أبَلِهْ " أصله أبَالِي، سقطت الياء بدخول الجازم، فكثر استعمال " لم أُبَالِ " فطلب التخفيف، فجُوِّز جزم الكلمة بالجازم مرة أخرى، تشبيهاً لها بما لم يحذف منه شئ كيقول ويخاف، لتحرك آخرها، فأسْقط حركة اللام، فسقط الألف للساكنين، فألحق هاء السكت لأن اللام في تقدير الحركة، إذ هي إنما حذفت على خلاف القياس، فكأنها ثابتة كما في " لم يَرَهْ " و " لم يَخْشه " فالتقى ساكنان فكسر الأول كما هو القياس، وأيضاً فإن الكسر حركته الأصلية وأما قوله (الم الله) فمن وقف على (ألم) وعدها آية وابتدأ بالله محركا لهمزته


ضرورة، وفيه شاهد آخر في قوله " المئي " حيث حذف النون ضرورة، وأصله المئين وليس هذا الاستشهاد الثاني مرادا هنا (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>