للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها وتضمنها معنى الجملة، إذ تقول في جواب من قال أما قام زيد " بلى " أي: بلى قام، فصار كالفعل المضمر فاعلة نحو غزا ورمى في الاستعلاء، فأميل لمشابهته الفعل، وكذا أميل يا لتضمنها معنى الفعل، وهو دعوت وناديت، فصارت كالفعل، مع أنه يحذف المنادَى ويقدر في نحو (ياليت) و (ألا يَا اسْجُدُوا) فيصير كالفعل المضمر فاعله، وكذا " لا " أي في " إمالا " إذ يحذف الشرط بعدها، تقول لشخص: افعل كذا، فيأبى، فتقول له: افعل هذا إمالا: أي إمالا تفعل ذاك، وإذا انفردت لا عن إما لم تمل وإن كانت كبلى في الإغناء عن الجملة، لكونها على حرفين، وأمايا فلان معها الياء وهو سبب الإمالة، وحكى قطرب إمالة لا من دون إمَّا نحو لا أفعل، لإفادتها معنى الجملة في بعض الأحوال كبلى.

قوله: " وغير المتمكن كالحرف " لأن غير المتمكنة لعدم تصرفها تكون كالحرف، فإن سميت بها كانت الحروف المسمى بها: إن كان فيها سبب الإمالة أميلت، كإذا، للكسرة، وإنما أميل " ذا " في الإشارة لتصرفها، إذ توصف وتصغر ويوصف بها، بخلاف ما الاستفهامية فإنها لا تصغر، وأما أنَّى ومَتَى فإنما تمالان - وإن لم يسم بهما أيضاً - لإغنائهما عن الجملة، وذلك لأنك تحذف معهما الفعل، كما تقول: متى؟ لمن قال سار القوم، وكذا قوله: ١٢٦ - * أنَّى وَمِنْ أيْنَ آبَكَ الطَّرَبُ (١) *


(١) هذا صدر بيت من المنسرح، وعجزه: * مِنْ حَيْثُ لا صَبْوَةٌ وَلاَ رِيَبُ * وهو مطلع قصيدة طويلة للكميت بن زيد الاسدي مدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: مدح بها على بن أبى طالب فَوَرَّى عنه بذكر النبي صلى الله عليه وسلم خوفاً من بنى أمية.
والاستشهاد بالبيت على أن " أنى " قد
يستغنى بها عن الجملة، فيكون التقدير في البيت أنى آبك الطرب، فحذف الفعل (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>