فخففت الهمزة الثانية، ولم تبتدئ في التخفيف من الآخر، كما فعلت ذلك في حروف العلة في نحو طَوى وَنَوَى، وذلك لفرط استثقالهم لتكرار الهمزة، فيخففون كل ثانية إذ نشأ منها الثقل، إلى أن يصلوا إلى آخر الكلمة فإن بنيت من قَرَأَ مثل سفرجل قلت: قَرَأْيَأ، حقَّقْت الأولى، وقلبت الثانية التي منها نشأ الثقل، وإنما قلبتها ياء، لا واواً، لكونها أقرب مخرجاً إلى الهمزة من الواو، وصححت الأخيرة لعدم مجامعتها إذن للهمزة وإن بنيت مثل سَفَرْجَل من الهمزات قلت: أَوَأْيأ، على قول النحاة،
وأَيَأْيَأ، على قول المازني، كما ذكرنا في قولك: هو أيَمّ منك، فتحقيق الأولى هو القياس، إذ الهمزة الأولى لا تخفف، كما مر، وأما تحقيق الثالثة فلأنك لما قلبت الثانية صارت الثالثة أولى الهمزات، ثم صارت الرابعة كالثانية مجامعة للهمزة التي قبلها، فخففت بقلبها ياء، كما ذكرنا في قرأيأ، ثم صارت الخامسة كالأولى ولو بنيت منها مثل قرطعب (١) قلت: إيئاء، قلبت الثانية ياء كما في إيت، والرابعة ألفا كما في آمن، وتبقى الخامسة بحالها كما في راء وشاء ولو بنيت منها مثل جَحْمَرِش قلت: أاأَيِئ، قُلبت الثانية كما في آمن، والرابعة كما في أيمة، وتبقى الخامسة بحالها، لعدم مجامعتها الهمزة ولو بنيت مثل قُذَعْمِلٍ قلت: أُوَأْيِئ، قلبت الثانية كما في أُوَيْدم، والرابعة كما في قِرَأى، وتبقى الخامسة بحالها فإن اجتمعت الهمزتان في كلمتين والثانية لا محالة متحركة، إذ هي أول الكلمة، فإن كانت الأولى مبتدأ بها، كهمزة الاستفهام، فحكمها حكم الهمزتين